لبنان بين مطرقة المخدرات وسندان السلاح: هل ينفجر الصراع الداخلي؟
Tuesday, 19-Aug-2025 13:35

في مشهد لبناني يتأرجح على حافة الانهيار، برزت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية ثلاثة تطورات لافتة تحمل أبعاداً أمنية واستراتيجية خطيرة.

 

ففي البقاع، نجحت عملية استخباراتية مشتركة بين العراق ولبنان في تفكيك أكبر مصنع للكبتاغون في الشرق الأوسط، ما شكّل ضربة قاسية لشبكات التهريب العابرة للحدود التي حوّلت لبنان إلى محطة مركزية في تجارة السموم. هذه العملية، التي اعتمدت على معلومات دقيقة زوّد بها الجانب العراقي، تكشف حجم التعاون الأمني الإقليمي لمواجهة أخطر الملفات الأمنية في لبنان والمنطقة.

 

في المقابل، ضغطت واشنطن على تل أبيب للالتزام بالخطة الحكومية اللبنانية التي تقضي بنزع سلاح حزب الله تدريجياً مع نهاية العام، مقابل وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجنوب. خطوةٌ وصفت بأنها محاولة لإعادة تثبيت الاستقرار، لكنها في الوقت نفسه تضع لبنان أمام امتحان صعب في ظل تعقيدات الداخل والانقسام الحاد حول ملف السلاح.

أما التطور الأخطر، فجاء من الضاحية الجنوبية حيث لوح حزب الله بإمكانية اندلاع صراع داخلي إذا أقدمت الحكومة اللبنانية على تنفيذ خطة نزع السلاح بالقوة، ما اعتبر بأنه إنذار للحكومة بعدم تجاوز "الخطوط الحمر"، وإشارة إلى الداخل والخارج بأن أي محاولة لانتزاع أوراق القوة من يد الحزب ستدفع البلاد نحو مواجهة مفتوحة.

 

 

ويرى مراقبون أن هذا الموقف يعكس حالة ارتباك يعيشها الحزب بعد خسائره في الحرب الأخيرة مع إسرائيل والضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة عليه، ما يجعله أكثر ميلاً للتصعيد الكلامي والتهديد بالانفجار الداخلي كوسيلة للردع السياسي.

وبين إنجاز أمني نوعي في ملف المخدرات، وضغوط أميركية – دولية لنزع السلاح، وتهديدات داخلية بحرب أهلية، يجد لبنان نفسه اليوم على حافة مرحلة انتقالية محفوفة بالمخاطر. فإما أن ينجح في تحويل هذه الملفات إلى تسوية وطنية كبرى تعيد للدولة بعضاً من هيبتها المفقودة، وإما أن ينزلق مجدداً إلى دوامة صراع قد تكون هذه المرة أكثر تدميراً من كل ما سبق.

 

 

استشراف السيناريوهات المقبلة

أمام هذه التطورات، يضع الخبراء ثلاثة مسارات محتملة لمستقبل لبنان القريب:

تسوية داخلية – إقليمية: عبر صفقة مدعومة دولياً توازن بين نزع السلاح التدريجي ومنح الحزب ضمانات سياسية، بما يجنّب البلاد الانفجار.

مواجهة مفتوحة: في حال أصرّت الحكومة على التنفيذ القسري للخطة، ما قد يؤدي إلى انقسام دموي يهدد بتفكيك ما تبقى من مؤسسات الدولة.

استمرار المراوحة: وهو السيناريو الأكثر ترجيحاً على المدى القصير، حيث يبقى الملف معلقاً بين شد وجذب، وتستمر الضغوط الاقتصادية والأمنية في استنزاف البلاد.

 

 

في كل الأحوال، تبقى المعادلة اللبنانية شديدة التعقيد، والتطورات الأخيرة تشير إلى أن الأشهر المقبلة ستكون مفصلية في رسم مصير الدولة بين استعادة سيادتها أو الانزلاق نحو الفوضى.

الأكثر قراءة